موقع الفيزياء للدكتور مسعود

موقع الفيزياء للدكتور مسعود

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

Assalmu Alaikum- peace to you


.. الحمدلله حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك ..

 

.. لااله الا الله عدد ماكان ومايكون وعدد الحركات والسكون..

 

ْْ  سبحان الله وبحمده,, سبحان الله العظيم  ْْ


  
مطلوب للعدالة .. ميت أو حي , إحذر إنه شديد الخطورة




في إمكان الراهبة أن تغطي جسدها من رأسها إلى إصبع قدمها وذلك لتكريس حياتها لعبادة ربها , صحيح ؟
لكن إذا فعلت فتاة مسلمة نفس الشئ , لماذا تضطهد ؟



عندما تبقى إمرأة غربية في البيت لتعتني بالمنزل والأطفال فهي بذلك تحترم من قِبل كامل المجتمع وذلك من أجل تضحيتها بحياتها من أجل بيتها وأسرتها
لكن إذا قامت بنفس الشئ إمرأة مسلمة , لماذا تضطهد ؟



أي فتاة تستطيع الذهاب إلى الجامعة وهي ترتدي ما تريده فهي تمتلك حقوق وحرية
لكن عندما ترتدي فتاة مسلمة الحجاب فهي تمنع من دخول الجامعة



عندما يقوم طفل بتكريس نفسه لموضوع ما فهو بذلك يمتلك موهبة
لكن عندما يكرس الطفل نفسه للإسلام فهو ميؤوس منه



عندما يضحي شخص ما بنفسه للحفاظ على حياة الآخرين فهو بذلك شخص نبيل وشهم والجميع يحترمه
ولكن عندما يضحي فلسطيني بنفسه لإنقاذ إبنه من أن يقتل ولإنقاذ أخوه من أن تكسر ذراعه ولحماية أمه من أن تغتصب ولحماية منزله من أن يدمر ولحماية مسجده من أن تنتهك حرمته .... فهو بذلك ينال لقب (الإرهابي) !



عندما يقتل يهودي شخص ما فالدين ليس له علاقة بما حصل
ولكن عندما يتهم مسلم بجريمة يكون الإسلام هو المتهم الرئيسي



عندما تحدث مشكلة فنحن نقبل أي حل , صحيح ؟
لكن إذا كان الحل يكمن في الإسلام فنحن نرفض أن نلقي ولو نظره عليه



عندما يقود شخص ما سيارة ممتازة بطريقة خطأ, لا يلوم أحد السيارة
لكن عندما يقوم مسلم بإرتكاب خطأ أو يعامل الناس بطريقة سيئة - يقول الناس "الإسلام هو السبب" !!



بدون أخذ لمحة عن تشريعات الإسلام وقوانينه , يصدق الناس ما تقوله الصحف, لكن السؤال ماذا يقول القرآن الكريم !




لماذا , لإنه مسلم !



تريد أن تمحي هذا الظلم
إذن قم الآن وارسل هذه الرسالة لكل شخص تعرفه




أنا مسلم أقتلني و قم بتسميتها أضرار جانبية
إحبسني وقم بتسميتها وسائل للحماية
إنفي شعبي وأهلي بشكل جماعي وقم بتسميتها شرق أوسط جديد
إنهب مواردي , إغزو أرضي , غير قيادتي وقم بتسميتها ديموقراطية

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010


الرزق على الله

 

يامن يخشى قلة اليد


هذه القصة في زمن نبي الله سليمان(عليه السلام) حيث من لمعروف لديناأن النبي سليمان ( عليه السلام) لدية القدرة على محادثة بقية الكائنات الحية

وهذه إحدى قصص النمل مع النبي سليمان عليه السلام ذكروا أن سليمان كان جالساً على شاطيء بحر , فبصر بنملة تحمل حبة قمح تذهب بها نحو البحر , فجعل سليمان ينظر إليها حتى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء ففتحت فاها , فدخلت النملة وغاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة وسليمان يتفكر في ذلك متعجباً. ثم أنها خرجت من الماء وفتحت فاها فخرجت النملة ولم يكن معها الحبة. فدعاها سليمان عليه السلام وسألها وشأنها وأين كانت ؟ فقالت : يا نبي الله إن في قعر البحر الذي تراه صخرة مجوفة وفي جوفها دودة عمياء وقد خلقها الله تعالى هنالك , فلا تقدرأن تخرج منها لطلب معاشها , وقد وكلني الله برزقها فأنا أحمل رزقها وسخرالله تعالى هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فيها , وتضع فاها على ثقب الصخرة وأدخلها , ثم إذا أوصلت رزقها إليها وخرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتخرجني من البحر. فقال سليمان عليه السلام : وهل سمعت لها من تسبيحة ؟

قالت نعم ,

إنها تقول: (يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة، برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحتمك.و في القصة تصديق لقول الله سبحانه وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.
إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين . إن من لا ينسى دودة عمياء في جوف صخرة صمّاء، تحت مياه ظلماء، كيف ينسى الإنسان؟

فعلى الإنسان أن لا يتكاسل عن طلب رزقه أو يتذمر من من تأخر وصوله فالله الذي خلق الانسان
أدرى بما هو أصلح لحاله وكفيل بأن يرزقه من عنده سبحانه..


تفـــــــــــــــــــاءلوا بالخير تجدوه

الأحد، 12 سبتمبر 2010



مفسدات القلب الخمسة
للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله




اعلم أن القلب يسير إلى الله عز وجل، والدار الآخرة، ويكشف عن طريق الحق ونهجه،وآفات النفس، والعمل، وقطاع الطريق؛ بنوره وحياته وقوته، وصحته وعزمه،وسلامة سمعه وبصره، وغيبة الشواغل والقواطع عنه.
وهذه الخمسة تطفئ نوره، وتعور عين بصيرته، وتثقل سمعه إن لم تَصُمه وتُبْكِمَه،وتضعف قواه كلها، وتوهن صحته، وتفتِّر عزيمته، وتوقف همته، وتنكسه إلى وراءه، ومن لا شعور له بهذا فميت القلب، وما لجرح بميت إيلام، فهي عائقةله عن نبل كماله، قاطعه له عن الوصول إلى ما خلق له، وجعل نعيمه وسعادتهوابتهاجه ولذته في الوصول إليه.
فإنه لا نعيم له ولا لذة، ولا ابتهاج، ولا كمال؛ إلا بمعرفة الله ومحبته والطمأنينة بذكره، والفرح والابتهاج بقربه، والشوق إلى لقائه، فهذه جنته العاجلة، كما أنه لا نعيم له في الآخرة ولا فوز إلا بجواره في دار النعيم في الجنة الآجلة،فله جنتان لا يدخل الثانية منهما إن لم يدخل الأولى.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
وقال بعض العارفين : إنه ليمر بالقلب أوقات أقول : إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.
وقال بعض المحبين : مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها. قالوا: وما أطيب ما فيها. قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه والإعراض عما سواه، أو نحو هذا من الكلام.
وكل من له قلب حي يشهد هذا ويعرفه ذوقاً.
وهذه الأشياء الخمسة : قاطعة عن هذا، حائلة بين القلب وبينه، عائقة له عن سيره،ومحدثة له أمراضاً وعللاً إن لم يتداركها المريض خيف عليه منها.
المفسد الأول:كثرة الخلطة
فأماما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود،ويوجب له تشتتا وتفرقاً وهماً وغماً وضعفاً وحملاً لما يعجز عن حمله منمؤنة قرناء السوء، وإضاعة مصالحه، والاشتغال عنها بهم وبأمورهم، وتقسُّم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم، فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟
هذا،وكم جلبت خلطة الناس من نقمة، ودفعت من نعمة، وأنزلت من منحة، وعطلت من منحة، وأحلت من رزية، وأوقعت في بلية؟ وهل آفة الناس إلا الناس؟ وهل كان على أبي طالب عند الوفاة أضرَّ من قرناء السوء؟ لم يزالوا به حتى حالوابينه وبين كلمة واحدة توجب له سعادة الأبد.
وهذه ا لخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا وقضاء وطر بعضهم من بعض؛ تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة، ويعض المخلِّط عليها يديه ندما كما قال تعالى : ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلاً . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي[الفرقان:27-29] وقال تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[الزخرف:67] وقال خليله إبراهيم لقومه: ﴿إِنَّمَااتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ[العنكبوت:25] .
وهذاشأن كل مشتركين في غرض، يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله، فإذا انقطعذلك الغرض أعقب ندامة وحزنا وألماً، وانقلبت تلك المودة بغضاً ولعنةً وذماً من بعضهم لبعض، لما انقلب ذلك الغرض حزناً وعذاباً، كما يشاهد في هذه الدار من أحوال المشتركين في خزيه إذا أُخِذوا وعوقبوا، فكلُّ متساعدين على باطل متوادين عليه : لا بد أن تنقلب مودتهما بغضاً وعداوة.
والضابط النافع في أمر الخلطة : أن يخالط الناس في الخير - كالجمعة، والجماعة، والأعياد، والحج، وتعلم العلم، والجهاد، والنصيحة - ويعتزلهم في الشر، وفضول المباحات. فإذا دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر ولم يمكنه اعتزالهم : فالحذَر الحذَر أن يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولاناصر، ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له، وتعظيم وثناء عليه منهم ومن المؤمنينومن رب العالمين. وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له، ومقت وذم منهم ومن المؤمنين ومن رب العالمين. فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآلا.
وإندعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات : فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه، ويشجع نفسه، ويقوي قلبه، ولا يلتفت إلى الوارد الشيطاني القاطع له عن ذلك، بأن هذا رياء ومحبة لإظهار علمك وحالك، ونحوذلك، فليحاربه، وليستغن بالله، ويؤثر فيهم من الخير ما أمكنه.
فإن أعجزته المقادير عن ذلك، فليَسُلَّ قلبه من بينهم كسل الشعرة من العجين،وليكن فيهم حاضراً غائباً، قريباً بعيداً، نائماً يقظاناً، ينظر إليهم ولايبصرهم، ويسمع كلامهم ولا يعيه، لأنه قد أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلىالملأ الأعلى، يسبح حول العرش مع الأرواح العلوية الزكية، وما أصعب هذاوأشقه على النفوس، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، فبين العبد وبينه : أن يصْدُق الله تبارك وتعالى، ويديم اللجأ إليه، ويلقي نفسه على بابهطريحاً ذليلاً، ولا يُعين على هذا إلا محبة صادقة، والذكر الدائم بالقلبواللسان، وتجنب المفسدات الأربع الباقية الآتي ذكرها، ولا ينال هذا إلابعدة صالحة، ومادة قوة من الله عز و جل، وعزيمة صادقة، وفراغ من التعلق بغير الله تعالى. والله تعالى أعلم.
المفسد الثاني من مفسدات القلب : ركوبه بحر التمني
وهوبحر لا ساحل له، وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم، كما قيل: إن المنى رأس أموال المفاليسِ، وبضاعة ركابه مواعيد الشيطان، وخيالات المحال والبهتان، فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة، والخيالات الباطلة، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية. ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية، بل أعتاضت عنها بالأماني الذهنية، وكل بحسب حاله. من متمن للقدرة والسلطان وللضرب في الأرضوالتطواف في البلدان، أو للأموال والأثمان أو للنسوان والمردان، فيم ثلال متمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها، والتَذَّ بالظفر بها، فبين اهو على هذه الحال، إذ استيقظ فإذا يده والحصير.
وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان، والعمل الذي يقربه إلى الله، ويدنيه من جواره.
فأماني هذا إيمان ونور وحكمة، وأماني أولئك خدع وغرور.
وقدمدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير، وربما جعل أجره في بعض الأشياءكأجر فاعله، كالقائل : لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان الذي يتقي في مالهربه. ويصل فيه رحمه، ويخرج منه حقه. وقال: "هما في الأجر سواء" وتمنى في حجة الوداع : أنه لو كان تمتع وحل ولم يسق الهدي، وكان قد قرَنفأعطاه الله ثواب القِران بفعله، وثواب التمتع الذي تمناه بأمنيته فجمع لهبين الأجرين.
المفسد الثالث :التعلق بغير الله تبارك وتعالى
وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق.
فليس عليه أضر من ذلك. ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغيرالله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز و جل، بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه. فلا على نصيبهمن الله حصل. ولا إلى ما أمّله ممن تعلّق به وصل. قال الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوامِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا . كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا[مريم:81-82] وقال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ . لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ[يس:74-75] .
فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحهأعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات، ومثل المتعلق بغيرالله: كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، أوهن البيوت.
وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بنى عليها : التعلق بغير الله ولصاحبه الذم والخذلان كما قال تعالى: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولاً[الإسراء:22] مذموما لا حامد لك، مخذولا لا ناصر لك، إذ قد يكون بعض الناس مقهورامحمودا؛ كالذي قهر بباطل. وقد يكون مذموما منصورا كالذي قهر وتسلط عليه بباطل. وقد يكون محمودا منصورا كالذي تمكن وملك بحق. والمشرك المتعلق بغيرالله قسمه أردأ الأقسام الأربعة لا محمود ولا منصور.
المفسد الرابع:الطعام
والمفسد له من ذلك نوعان :
أحدهما : ما يفسده لعينه وذاته كالمحرماتوهي نوعان :
-
محرمات لحق الله : كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، وذي الناب من السباع، والمخلب من الطير.
-
ومحرمات لحق العباد : كالمسروق، والمغصوب، والمنهوب، وما أخذ بغير رضي صاحبه؛ إما قهرا وإما حياء وتذمما.
والثاني : ما يفسده بقدره وتعدي حده كالإسراف في الحلال، والشبع المفرط؛ فإنه يثقله عن الطاعات، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة، ومحاولتها حتى يظفر بها، فإذا ظفر بها شغله بمزاولةتصرفها، ووقاية ضررها، والتأذي بثقلها، وقوى عليه مواد الشهوة، وطرق مجاري الشيطان ووسعها، فإنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم، فالصوم يضيق مجاريه ويسد عليه طرقها، والشبع يطرقها ويوسعها. ومن أكل كثيرا، شرب كثيرا، فنام كثيرا، فخسر كثيرا. وفي الحديث المشهور : «مامَلأ آدميّ وعاء شَرّا من بَطْن ، بِحَسْب ابن آدم لُقَيْمَات يُقِمنَصُلْبَه ، فإن كان لا مَحَالةَ : فَثُلُث لطَعَامِه ، وثُلث لشرابِهِ ،وثُلُث لنَفَسِه».

المفسد الخامس:كثرة النوم
فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل، ومنه المكروه جداً، ومنه الضار غير النافع للبدن.
وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه، ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره. ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه. وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه وكثر ضرره،ولا سيّما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران.
ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؛ فإنه وقت غنيمة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة، حتى لو ساروا طول ليلهم، لم يسمحوا بالقعود عنالسير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس. فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول الأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة، ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة، فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر.
وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول وسدسه الأخير، وهو مقدار ثمان ساعات، وهذا أعدل النوم عند الأطباء، وما زاد عليه أو نقص منه أثّر عندهم في الطبيعةانحرافا بحسبه.
ومن النوم الذي لا ينفع أيضا : النوم أول الليل عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه. فهو مكروه شرعاً وطبعاً.
وكماأن كثرة النوم مورثة لهذه الآفات؛ فمدافعته وهجره مورث لآفات أخرى عظام: من سوء المزاج، ويبسه، وانحراف النفس، وجفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل، ويورث أمراضاً متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها، وماقام الوجود إلا بالعدل، فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه من مجامع الخير، وبالله المستعان

 



 

القيامة قيامتان
 
                  ـ لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

القيامة قيامتان ؛ قيامة صغرى وقيامة كبرى :

أيها الأخوة الكرام ، مع فائدة جديدة من فوائد كتاب الفوائد القيّم لابن القيم رحمه الله تعالى .

هذه الفائدة عنونت القيامة قيامتان ، قيامة صغرى وقيامة كبرى ، فالقيامة الصغرى هي سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

والحقيقة حينما قال الله عز وجل :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ .

( سورة الملك الآية : 2 )

قدم الموت على الحياة لماذا ؟ الإنسان حينما يولد أمام خيارات لا تعد ولا تحصى، أما حينما يأتيه ملك الموت أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما إلى جنة يدوم نعيمها ، أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، والحقيقة أمامك أحد طريقين لا بد من سلوك أحدهما ، إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها .

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل و الموت أخطر حدث في المستقبل :

أخوتنا الكرام ، البطولة ، والتفوق ، والذكاء ، والعقل ، والنجاح ، والفلاح ، لا أن تعيش الماضي ، ولا أن تعيش الحاضر ، أن تعيش المستقبل ، أخطر حدث في المستقبل سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

حبك الشيء يعمي ويصم ، حب الدنيا رأس كل خطيئة ، الإنسان إذا أحب الدنيا كان هذا الحب غشاءً يغشي عينيه :

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

أي إنسان على وجه الأرض كائناً من كان حتى كبار الطغاة عندما يأتيهم الموت يكتشفون الحقائق التي جاء بها الأنبياء ، والدليل أن فرعون قال :

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ .

( سورة النازعات )

والذي قال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ .

( سورة القصص الآية : 38 )

عندما أدركه الغرق آمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، قال تعالى :

﴿ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ .

( سورة يونس )

فقيل له :

﴿ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾ .

( سورة يونس الآية : 91 )

 

خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :

النقطة الدقيقة أن الإنسان مخير ملايين الاختيارات ، تشتري هذا البيت أو لا تشتريه ، تتزوج من هذه الفتاة أو لا تتزوجها ، تقوم بهذا العمل أو لا تقوم به ، تسافر أو لا تسافر ، الإنسان أمام خيارات لا تعد ولا تحصى إلا أنه مع الإيمان خياره خيار وقت ، مع أشياء لا تعد ولا تحصى خيار قبول أو رفض ، يقبل أو يرفض ، يسافر أو لا يسافر ، يتزوج أو لا يتزوج ، يقوم بهذا العمل أو لا يقوم به ، إلا مع الإيمان خيار وقت ، فإما أن تؤمن في الوقت المناسب ، أو أنه لا بدّ من أن تؤمن ولكن بعد فوات الأوان كإيمان فرعون ، أي إنسان على وجه الأرض ، مسلم ، غير مسلم ، ملحد ، علماني ، جهلاني ، أي إنسان على وجه الأرض حينما يأتيه ملك الموت يكشف الغطاء عن عينيه :

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

هذه القيامة الصغرى ، أناس كثيرون ينتظرون قيام الساعة ، دعك من قيام الساعة الكبرى ، وتأقلم وتوافق مع القيامة الصغرى إنها سكرات الموت .

القيامة الكبرى و القيامة الصغرى :

أيها الأخوة ، سكرة الموت هي لقاء الله عز وجل ، القدوم عليه ، عرض الأعمال عليه ، عرض الثواب والعقاب الذي تعجل الله له به في الدنيا يرى حكمته ، أما القيامة الكبرى، قال تعالى :

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ﴾ .

( سورة ق )

القيامة الصغرى :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

القيامة الكبرى :

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ﴾ .

( سورة ق )

الخلق في هذا اليوم في القيامة الكبرى كل واحد يأتي ربه ومعه سائق وشهيد ، سائق يسوقه إلى المحاكمة ، وشهيد يشهد عليه :

﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)﴾ .

( سورة ق )

كيف أن المتهم يقيد ويساق ، وعند القاضي الشهود ، يساق إلى المحاكمة ومعه شهيد ، من يشهد عليه ؟ قال : جوارحه ، سمعه ، بصره ، يشهدون عليه ، الأرض التي مشى عليها تشهد عليه ، الحفظة الملائكة تشهد عليه ، الأمكنة التي عمل فيها الخير أو الشر ، الجلود التي عصوه بها كناية لطيفة جداً عن الزنا ، الجلود التي عصوه بها ، والله سبحانه وتعالى أعدل العادلين وأحكم الحاكمين .

أخطر حدث أنك دخلت إلى الدنيا وأصبحت شيئاً مذكوراً فبطولتك أن تخرج منها وأنت تضحك :

لذلك في الجامعة درسنا موضوع الذكاء بشكل مفصل جداً ، أعجبني في هذا الموضوع تعريف له جامع مانع : إنه التكيف ، كل بطولتك وفلاحك أن تتكيف مع أخطر حدث يكون لك بعد ولادتك ، ولادتك حدث دخلت إلى عالم الأحياء :

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)

( سورة الإنسان )

أنا أحياناً يقع تحت يدي كتاب أتصفحه ، فإذا هو قد نضد قبل عامين من ولادتي، أتصور في هذا التاريخ أنا لم أكن شيئاً مذكوراً ، ليس لي وجود ، قال تعالى :

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)

( سورة الإنسان )

إذاً أخطر حدث أنك دخلت إلى الدنيا أصبحت شيئاً مذكوراً ، إنسان لك قيد نفوس، لك تاريخ ولادة ، اسم الأب ، اسم الأم ، مكان الولادة ، ذكر أم أنثى ، إمكانياتك ، شكلك ، ملكاتك ، قدراتك ، أخطر حدث قدومك إلى الدنيا ، ولا يقل عنه خطراً خروجك من الدنيا ، الإنسان حينما يولد كل من حوله يضحك ، ويصفق ، ويزغرد ، وهو يبكي وحده ، كل بطولتك أنه حينما يأتي ملك الموت وكل من حولك يبكي أن تضحك وحدك .

العاقل من تكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو حدث الموت :

صدقوا أيها الأخوة ، الله عز وجل سمى الموت وصفه بأنه مصيبة ، مصيبة الموت ، كل شيء جمعته في الدنيا تخسره في ثانية واحدة ، هناك أموال منقولة وغير منقولة، وهناك بيوت ، و شركات ، و أرصدة بمعظم العملات ، وبعدة أماكن في العالم كاحتياط ، كل هذا الذي تملكه وجمعته في سبعين عاماً حينما يقف القلب ليس لك ، القلب يقف يقول لك : احتشاء في القلب ، سكتة دماغية ، سكتة قلبية ، ورم خبيث ، فشكل كلوي ، تشمع كبد ، فكل ما تملكه في الدنيا تخسره في ثانية واحدة والعبر أمامكم ، ما أكثر العبر وما أقل المعتبرين ، فأنت حينما تتكيف ، تتكيف مع أخطر حدث في المستقبل هو حدث الموت تكون فالحاً .

الفلاح شيء ، والنجاح شيء آخر ، النجاح في الدنيا قد تشتري أرضاً لظروف استثنائية تضاعف سعرها مئتي مرة ، أي بالتعبيرات الدارجة غني لولد ولده ، هذا نجاح في الدنيا ، إنسان توفي أحد أقربائه ـ هو في الشام ـ ترك هذا القريب مليار ، جمع وطرح وقسم وحسب ، نصيبه من هذا المليار تسعون مليوناً ، عنده محل تجاري متواضع أغلقه ، وتابع معاملة الميراث ، ستة أشهر جهد جهداً غير معقول ، وافته المنية قبل أن يقبض نصيبه من الإرث ، هذه الدنيا وهو :

﴿  خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ .

( سورة الأنبياء )

من آثر آخرته على دنيا ربحهما معاً :

أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا ، وكل مكانتك ، وهيمنتك ، وشخصيتك ، وحجمك المالي ، ومنصبك الرفيع ، منوط بدقات قلبك ، وقف القلب عظم الله أجركم ، النعوة على الجدران ، كنت شخصاً فأصبحت خبراً ، كنت مرة في الطائرة من الرباط إلى دمشق في تونس وقفت الطائرة ساعة ، رأيت من نافذتي نعشاً يدخل إلى الطائرة  هذا شخص لكنه الآن بضاعة ، له أوراق ، له معاملة تخليص ، معه وثائق ، أشخاص كثيرون يذهبون كأشخاص لهم مقعد في الطائرة يعودون مع البضاعة ، فكل مخلوق يموت ، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت :

والليل مهما طال  فلا     بد من طلوع الفجر

والعمر مهما طال فلا     بد من نزول القبر

***

وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته           يوماً على آلة حدباء محمول

فإذا حمــلت إلى القبور جنازة            فاعلم أنك بعدها مــحمول

***

والله أيها الأخوة مرة شيعنا أحد الأخوة ـ رحمه الله ـ عندما وضع في القبر ـ وكنت حاضراً التشييع ـ هكذا جاءتني ومضة أنه : لا يوجد على وجه الأرض من الستة آلاف مليون إنسان أذكى ممن يعد لهذه الساعة ، يعد لها العمل الصالح ، يعد لها الاستقامة على منهج الله ، يعد لها إنفاق المال ، يعد لها تربية الأولاد ، يعد لها إقامة الإسلام في البيت ، يعد لها تحجيب بناته ، يعد لها تزويج أبنائه ، يعد لها ، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، أنا ما رأيت على وجه الأرض أذكى ولا أعقل ممن يعد لهذه الساعة .

والله بحكم عملي بالدعوة تأتيني أخبار عن بعض الأخوان الكرام في أعلى درجة من درجات الغنى ، كل همه إنفاق ماله ، إطعام الجائعين ، رعاية المساكين ، تعليم طلاب العلم ، حينما ألتقي به أقول له : والله أنت من أعقل العقلاء ، يسعى لهذا اليوم ، من آثر آخرته على دنيا ربحهما معاً ، والله تأتيه الدنيا وهي راغمة ، والله :

(( مَن شَغَلَهُ قراءةُ القرآن عن مسألتي : أعطيتُهُ أفضلَ مَا أُعْطِي السائلين )) .

[ أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري ] .

هم في مساجدهم ، والله في حوائجهم ، والله هناك آلاف القصص ، مشغول بالعمل الصالح ، أموره كلها ميسرة ، زواجه ميسر ، دراسته ميسرة ، عمله ميسر ، تربية أولاده ميسرة ، هم في مساجدهم ، والله في حوائجهم .

الذكاء و العقل و البطولة أن يعمل الإنسان وفق منهج الله عز وجل :

أيها الأخوة الكرام ، ما من موعظة أبلغ من الموت ، كل إنسان له أقرباء أغنياء ، تدخل إلى بيت التعزية ، البيت بمئة وثمانين مليوناً ، خمسمئة متر ، البلاط جاء من إيطاليا ، والأثاث ، واللوحات ، والجبصين ، أنا حينما أجلس في التعزية أقول : يا رب من اختار هذا البلاط ؟ المرحوم ، من اشترى هذه المناظر ؟ المرحوم ، من صمم هذه التزيينات ؟ المرحوم، أين المرحوم ؟ بقبره ، قبر ، والله حينما نشأت في طريق الإيمان نصحت أن أتبع الجنائز ، ولو لم يكن هناك معرفة ، أو قرابة ، عندما يوضع الإنسان في النعش ثم يصل إلى القبر ، يرفع الغطاء ، يحمل الميت ، يوضع في القبر ، توضع البلاطة ، يهال التراب ، الملف انتهى، هذا إلى أين ؟ إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، والله الذكاء ، والعقل ،  والبطولة ، والتوفيق ، والنجاح ، والفلاح ، والتفوق ، أن تعد لهذه الساعة ، مسموح لك أن تتزوج ، وأن تعمل ، وأن تتألق ، وأن تتفوق ، ولكن وفق منهج الله ، أي شيء فيه شبهة تركله بقدمك ، مبلغ فلكي تركله بقدمك ، هذا المبلغ لا أنتفع به لكنني أحاسب عليه ، الذي تنتفع به صدق ولا أبالغ هذا القميص الذي ترتديه ، هذا السرير الذي تنام عليه ، هذا الطعام الذي تأكله ، الرزق ما انتفعت به ، والكسب حجمك المالي .

الأحمق من لم يدخل ربه في حسابه :

أيها الأخوة ، الأمور واضحة تماماً ، هناك قيامة صغرى هي سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)﴾ .

( سورة ق )

أيها الأخوة ، أما القيامة الكبرى حينما يجتمع الناس ليحاسبوا على أعمالهم ، والبارحة قلت لكم : معظم العلماء يرون أن الدليل على يوم القيامة دليل إخباري ، أو دليل سمعي ، إلا أن الحقيقة هناك من العلماء و ابن القيم منهم من يرى أن الدليل على يوم القيامة دليل عقلي ، لأن هناك غني وهناك فقير ، هناك قوي وهناك ضعيف ، هناك دول تتفنن في المعاصي وهناك دول مسحوقة محتلة تموت من الجوع ، هذا الذي حدث في غزة إنسان يقتل عمداً ، ألف وثلاثمئة امرأة وطفل يقتلون عمداً ، سلاح عملاق ، طائرات مروحية عملاقة ، طائرات قاذفة عملاقة ، من أجل هدم بيوت مدنيين ، وقتل نساء وأطفال ، هذا الذي فعل هذا سينجو ؟ إذا نجا فنجاته تتناقض مع وجود الله ، مستحيل :

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)

( سورة الحجر)

 

﴿ لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ(196)مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(197)

( سورة آل عمران )

أقسم لكم بالله ما رأيت على وجه الأرض أغبى ممن ؟ من لم يدخل ربه في حسابه ، لا يوجد أغبى منه ، يظن أنه لن يموت ، سيموت ، وسوف يكون في قبضة الله ، وسوف يحاسب عن كل صغيرة وكبيرة .

مغادرة الدنيا أخطر حدث في المستقبل :

والله أيها الأخوة ، ما من قطرة دم تراق على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا ويتحملها إنسان يوم القيامة ، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً ".

قالوا : إلا دم من قتل بحدٍّ من حدود الله يتحمله الله ، حينما نقتل القاتل دم المقتول الذي كان قاتلاً يتحمله الله عز وجل ، فلذلك البطولة أن تعيش المستقبل ، وأخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا ، مرة وجدت شريطاً لم أعرف ما فيه ، استمعت إليه ، كان موضوعاً على المجيب الآلي ـ يوم يرن الهاتف ولا يوجد أحد في البيت هناك من يجيب آلياً و يترك رسالة ـ استمعت إلى هذه الرسائل ، اثنا عشر إنساناً من الذين كلموني توفاهم الله عز وجل ، شريط من عشر سنوات ، ونحن الآن بعد مئة عام لن يوجد واحد منا فوق الأرض ، فالبطولة أن نعيش المستقبل ، أن نعيش سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)

( سورة ق)

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

والحمد لله رب العالمينالقيامة قيامتان  ـ لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

القيامة قيامتان ؛ قيامة صغرى وقيامة كبرى :

أيها الأخوة الكرام ، مع فائدة جديدة من فوائد كتاب الفوائد القيّم لابن القيم رحمه الله تعالى .

هذه الفائدة عنونت القيامة قيامتان ، قيامة صغرى وقيامة كبرى ، فالقيامة الصغرى هي سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

والحقيقة حينما قال الله عز وجل :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ .

( سورة الملك الآية : 2 )

قدم الموت على الحياة لماذا ؟ الإنسان حينما يولد أمام خيارات لا تعد ولا تحصى، أما حينما يأتيه ملك الموت أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما إلى جنة يدوم نعيمها ، أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، والحقيقة أمامك أحد طريقين لا بد من سلوك أحدهما ، إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها .

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل و الموت أخطر حدث في المستقبل :

أخوتنا الكرام ، البطولة ، والتفوق ، والذكاء ، والعقل ، والنجاح ، والفلاح ، لا أن تعيش الماضي ، ولا أن تعيش الحاضر ، أن تعيش المستقبل ، أخطر حدث في المستقبل سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

حبك الشيء يعمي ويصم ، حب الدنيا رأس كل خطيئة ، الإنسان إذا أحب الدنيا كان هذا الحب غشاءً يغشي عينيه :

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

أي إنسان على وجه الأرض كائناً من كان حتى كبار الطغاة عندما يأتيهم الموت يكتشفون الحقائق التي جاء بها الأنبياء ، والدليل أن فرعون قال :

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ .

( سورة النازعات )

والذي قال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ .

( سورة القصص الآية : 38 )

عندما أدركه الغرق آمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، قال تعالى :

﴿ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ .

( سورة يونس )

فقيل له :

﴿ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾ .

( سورة يونس الآية : 91 )

 

خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :

النقطة الدقيقة أن الإنسان مخير ملايين الاختيارات ، تشتري هذا البيت أو لا تشتريه ، تتزوج من هذه الفتاة أو لا تتزوجها ، تقوم بهذا العمل أو لا تقوم به ، تسافر أو لا تسافر ، الإنسان أمام خيارات لا تعد ولا تحصى إلا أنه مع الإيمان خياره خيار وقت ، مع أشياء لا تعد ولا تحصى خيار قبول أو رفض ، يقبل أو يرفض ، يسافر أو لا يسافر ، يتزوج أو لا يتزوج ، يقوم بهذا العمل أو لا يقوم به ، إلا مع الإيمان خيار وقت ، فإما أن تؤمن في الوقت المناسب ، أو أنه لا بدّ من أن تؤمن ولكن بعد فوات الأوان كإيمان فرعون ، أي إنسان على وجه الأرض ، مسلم ، غير مسلم ، ملحد ، علماني ، جهلاني ، أي إنسان على وجه الأرض حينما يأتيه ملك الموت يكشف الغطاء عن عينيه :

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

هذه القيامة الصغرى ، أناس كثيرون ينتظرون قيام الساعة ، دعك من قيام الساعة الكبرى ، وتأقلم وتوافق مع القيامة الصغرى إنها سكرات الموت .

القيامة الكبرى و القيامة الصغرى :

أيها الأخوة ، سكرة الموت هي لقاء الله عز وجل ، القدوم عليه ، عرض الأعمال عليه ، عرض الثواب والعقاب الذي تعجل الله له به في الدنيا يرى حكمته ، أما القيامة الكبرى، قال تعالى :

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ﴾ .

( سورة ق )

القيامة الصغرى :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

القيامة الكبرى :

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ﴾ .

( سورة ق )

الخلق في هذا اليوم في القيامة الكبرى كل واحد يأتي ربه ومعه سائق وشهيد ، سائق يسوقه إلى المحاكمة ، وشهيد يشهد عليه :

﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)﴾ .

( سورة ق )

كيف أن المتهم يقيد ويساق ، وعند القاضي الشهود ، يساق إلى المحاكمة ومعه شهيد ، من يشهد عليه ؟ قال : جوارحه ، سمعه ، بصره ، يشهدون عليه ، الأرض التي مشى عليها تشهد عليه ، الحفظة الملائكة تشهد عليه ، الأمكنة التي عمل فيها الخير أو الشر ، الجلود التي عصوه بها كناية لطيفة جداً عن الزنا ، الجلود التي عصوه بها ، والله سبحانه وتعالى أعدل العادلين وأحكم الحاكمين .

أخطر حدث أنك دخلت إلى الدنيا وأصبحت شيئاً مذكوراً فبطولتك أن تخرج منها وأنت تضحك :

لذلك في الجامعة درسنا موضوع الذكاء بشكل مفصل جداً ، أعجبني في هذا الموضوع تعريف له جامع مانع : إنه التكيف ، كل بطولتك وفلاحك أن تتكيف مع أخطر حدث يكون لك بعد ولادتك ، ولادتك حدث دخلت إلى عالم الأحياء :

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)

( سورة الإنسان )

أنا أحياناً يقع تحت يدي كتاب أتصفحه ، فإذا هو قد نضد قبل عامين من ولادتي، أتصور في هذا التاريخ أنا لم أكن شيئاً مذكوراً ، ليس لي وجود ، قال تعالى :

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)

( سورة الإنسان )

إذاً أخطر حدث أنك دخلت إلى الدنيا أصبحت شيئاً مذكوراً ، إنسان لك قيد نفوس، لك تاريخ ولادة ، اسم الأب ، اسم الأم ، مكان الولادة ، ذكر أم أنثى ، إمكانياتك ، شكلك ، ملكاتك ، قدراتك ، أخطر حدث قدومك إلى الدنيا ، ولا يقل عنه خطراً خروجك من الدنيا ، الإنسان حينما يولد كل من حوله يضحك ، ويصفق ، ويزغرد ، وهو يبكي وحده ، كل بطولتك أنه حينما يأتي ملك الموت وكل من حولك يبكي أن تضحك وحدك .

العاقل من تكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو حدث الموت :

صدقوا أيها الأخوة ، الله عز وجل سمى الموت وصفه بأنه مصيبة ، مصيبة الموت ، كل شيء جمعته في الدنيا تخسره في ثانية واحدة ، هناك أموال منقولة وغير منقولة، وهناك بيوت ، و شركات ، و أرصدة بمعظم العملات ، وبعدة أماكن في العالم كاحتياط ، كل هذا الذي تملكه وجمعته في سبعين عاماً حينما يقف القلب ليس لك ، القلب يقف يقول لك : احتشاء في القلب ، سكتة دماغية ، سكتة قلبية ، ورم خبيث ، فشكل كلوي ، تشمع كبد ، فكل ما تملكه في الدنيا تخسره في ثانية واحدة والعبر أمامكم ، ما أكثر العبر وما أقل المعتبرين ، فأنت حينما تتكيف ، تتكيف مع أخطر حدث في المستقبل هو حدث الموت تكون فالحاً .

الفلاح شيء ، والنجاح شيء آخر ، النجاح في الدنيا قد تشتري أرضاً لظروف استثنائية تضاعف سعرها مئتي مرة ، أي بالتعبيرات الدارجة غني لولد ولده ، هذا نجاح في الدنيا ، إنسان توفي أحد أقربائه ـ هو في الشام ـ ترك هذا القريب مليار ، جمع وطرح وقسم وحسب ، نصيبه من هذا المليار تسعون مليوناً ، عنده محل تجاري متواضع أغلقه ، وتابع معاملة الميراث ، ستة أشهر جهد جهداً غير معقول ، وافته المنية قبل أن يقبض نصيبه من الإرث ، هذه الدنيا وهو :

﴿  خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ .

( سورة الأنبياء )

من آثر آخرته على دنيا ربحهما معاً :

أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا ، وكل مكانتك ، وهيمنتك ، وشخصيتك ، وحجمك المالي ، ومنصبك الرفيع ، منوط بدقات قلبك ، وقف القلب عظم الله أجركم ، النعوة على الجدران ، كنت شخصاً فأصبحت خبراً ، كنت مرة في الطائرة من الرباط إلى دمشق في تونس وقفت الطائرة ساعة ، رأيت من نافذتي نعشاً يدخل إلى الطائرة  هذا شخص لكنه الآن بضاعة ، له أوراق ، له معاملة تخليص ، معه وثائق ، أشخاص كثيرون يذهبون كأشخاص لهم مقعد في الطائرة يعودون مع البضاعة ، فكل مخلوق يموت ، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت :

والليل مهما طال  فلا     بد من طلوع الفجر

والعمر مهما طال فلا     بد من نزول القبر

***

وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته           يوماً على آلة حدباء محمول

فإذا حمــلت إلى القبور جنازة            فاعلم أنك بعدها مــحمول

***

والله أيها الأخوة مرة شيعنا أحد الأخوة ـ رحمه الله ـ عندما وضع في القبر ـ وكنت حاضراً التشييع ـ هكذا جاءتني ومضة أنه : لا يوجد على وجه الأرض من الستة آلاف مليون إنسان أذكى ممن يعد لهذه الساعة ، يعد لها العمل الصالح ، يعد لها الاستقامة على منهج الله ، يعد لها إنفاق المال ، يعد لها تربية الأولاد ، يعد لها إقامة الإسلام في البيت ، يعد لها تحجيب بناته ، يعد لها تزويج أبنائه ، يعد لها ، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، أنا ما رأيت على وجه الأرض أذكى ولا أعقل ممن يعد لهذه الساعة .

والله بحكم عملي بالدعوة تأتيني أخبار عن بعض الأخوان الكرام في أعلى درجة من درجات الغنى ، كل همه إنفاق ماله ، إطعام الجائعين ، رعاية المساكين ، تعليم طلاب العلم ، حينما ألتقي به أقول له : والله أنت من أعقل العقلاء ، يسعى لهذا اليوم ، من آثر آخرته على دنيا ربحهما معاً ، والله تأتيه الدنيا وهي راغمة ، والله :

(( مَن شَغَلَهُ قراءةُ القرآن عن مسألتي : أعطيتُهُ أفضلَ مَا أُعْطِي السائلين )) .

[ أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري ] .

هم في مساجدهم ، والله في حوائجهم ، والله هناك آلاف القصص ، مشغول بالعمل الصالح ، أموره كلها ميسرة ، زواجه ميسر ، دراسته ميسرة ، عمله ميسر ، تربية أولاده ميسرة ، هم في مساجدهم ، والله في حوائجهم .

الذكاء و العقل و البطولة أن يعمل الإنسان وفق منهج الله عز وجل :

أيها الأخوة الكرام ، ما من موعظة أبلغ من الموت ، كل إنسان له أقرباء أغنياء ، تدخل إلى بيت التعزية ، البيت بمئة وثمانين مليوناً ، خمسمئة متر ، البلاط جاء من إيطاليا ، والأثاث ، واللوحات ، والجبصين ، أنا حينما أجلس في التعزية أقول : يا رب من اختار هذا البلاط ؟ المرحوم ، من اشترى هذه المناظر ؟ المرحوم ، من صمم هذه التزيينات ؟ المرحوم، أين المرحوم ؟ بقبره ، قبر ، والله حينما نشأت في طريق الإيمان نصحت أن أتبع الجنائز ، ولو لم يكن هناك معرفة ، أو قرابة ، عندما يوضع الإنسان في النعش ثم يصل إلى القبر ، يرفع الغطاء ، يحمل الميت ، يوضع في القبر ، توضع البلاطة ، يهال التراب ، الملف انتهى، هذا إلى أين ؟ إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، والله الذكاء ، والعقل ،  والبطولة ، والتوفيق ، والنجاح ، والفلاح ، والتفوق ، أن تعد لهذه الساعة ، مسموح لك أن تتزوج ، وأن تعمل ، وأن تتألق ، وأن تتفوق ، ولكن وفق منهج الله ، أي شيء فيه شبهة تركله بقدمك ، مبلغ فلكي تركله بقدمك ، هذا المبلغ لا أنتفع به لكنني أحاسب عليه ، الذي تنتفع به صدق ولا أبالغ هذا القميص الذي ترتديه ، هذا السرير الذي تنام عليه ، هذا الطعام الذي تأكله ، الرزق ما انتفعت به ، والكسب حجمك المالي .

الأحمق من لم يدخل ربه في حسابه :

أيها الأخوة ، الأمور واضحة تماماً ، هناك قيامة صغرى هي سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19)

( سورة ق)

﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)﴾ .

( سورة ق )

أيها الأخوة ، أما القيامة الكبرى حينما يجتمع الناس ليحاسبوا على أعمالهم ، والبارحة قلت لكم : معظم العلماء يرون أن الدليل على يوم القيامة دليل إخباري ، أو دليل سمعي ، إلا أن الحقيقة هناك من العلماء و ابن القيم منهم من يرى أن الدليل على يوم القيامة دليل عقلي ، لأن هناك غني وهناك فقير ، هناك قوي وهناك ضعيف ، هناك دول تتفنن في المعاصي وهناك دول مسحوقة محتلة تموت من الجوع ، هذا الذي حدث في غزة إنسان يقتل عمداً ، ألف وثلاثمئة امرأة وطفل يقتلون عمداً ، سلاح عملاق ، طائرات مروحية عملاقة ، طائرات قاذفة عملاقة ، من أجل هدم بيوت مدنيين ، وقتل نساء وأطفال ، هذا الذي فعل هذا سينجو ؟ إذا نجا فنجاته تتناقض مع وجود الله ، مستحيل :

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)

( سورة الحجر)

 

﴿ لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ(196)مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(197)

( سورة آل عمران )

أقسم لكم بالله ما رأيت على وجه الأرض أغبى ممن ؟ من لم يدخل ربه في حسابه ، لا يوجد أغبى منه ، يظن أنه لن يموت ، سيموت ، وسوف يكون في قبضة الله ، وسوف يحاسب عن كل صغيرة وكبيرة .

مغادرة الدنيا أخطر حدث في المستقبل :

والله أيها الأخوة ، ما من قطرة دم تراق على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا ويتحملها إنسان يوم القيامة ، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "يظل المسلم بخير ما لم يسفك دماً ".

قالوا : إلا دم من قتل بحدٍّ من حدود الله يتحمله الله ، حينما نقتل القاتل دم المقتول الذي كان قاتلاً يتحمله الله عز وجل ، فلذلك البطولة أن تعيش المستقبل ، وأخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا ، مرة وجدت شريطاً لم أعرف ما فيه ، استمعت إليه ، كان موضوعاً على المجيب الآلي ـ يوم يرن الهاتف ولا يوجد أحد في البيت هناك من يجيب آلياً و يترك رسالة ـ استمعت إلى هذه الرسائل ، اثنا عشر إنساناً من الذين كلموني توفاهم الله عز وجل ، شريط من عشر سنوات ، ونحن الآن بعد مئة عام لن يوجد واحد منا فوق الأرض ، فالبطولة أن نعيش المستقبل ، أن نعيش سكرة الموت :

﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)

( سورة ق)

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)  

( سورة ق )

والحمد لله رب العالمين

TvQuran

الوقت من ذهب فلا تضيعة فيما لا يفيد

شرح مبسط جدا لبعض الظاهر الفيزيائية